ثالثًــا : الإيمـــان بالكتـــب
===================
مـن أركـان الإيمـان السـتة ، أن نؤمـن بالكتـب التـي أنزلهـا الله علـى أنبيائـه ورسـله .
·تعريــف :
الكتـب جمـع كتـاب . والكتـاب هـو مـا حـوى كلامـًا مفيـدًا ، ذا أغـراض متعـددة .
والكتـب التـي يجـب الإيمـان بهـا : هـي الصحـف التـي حـوت كـلام الله عـز وجـل ، الـذي أوحـاه إلـى رسـله عليهـم السـلام فكونـت كتبـًا ، أو بقيـت صحفـًا لـم تجمـع ، ولـم يتكـون منهـا كتـاب خـاص .
فالصحـف : كصحـف " إبراهيـم " ، " وموسـى " عليهمـا السـلام .
والكتـب : كالتـوراة ، والزبـور ، والإنجيـل ، والقـرآن العظيـم .
حقيقـة الإيمــان بالكتــب :
====================
إن معنـى الإيمـان بالكتـب الإلهيـة الـذي هـو جـزء مـن معتقـد المؤمـن :
التصديـق الجـازم بمـا أوحـى الله تعالـى مـن كلامـه " إلـى مـن اصطفـى مـن رسـله عليهـم السـلام " ، فجُمـع ودُوِّنَ ، فكـان " صحفـًا مطهـرة " و " كتبـًا قيمـة " فمـا عُـرف منهـا آمـن بـه المؤمـن تفصيـلاً ، ومـا لـم يعـرف آمـن بـه إجمـالاً .
مـا هـي الكتـب ومـا أسـمائها ؟
مـن هـذه الكتـب مـا سـماه الله فـي القـرآن الكريـم ، ومنهـا مـا لـم يسـم ، ولا مصـدر لمعرفـة الكتـب سـوى القـرآن الكريـم ، والـذي أخبرنـا بـه عـز وجـل منهـا :
1 ـ التـوراة :
التـي نزلـت علـى " مـوسى " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ إِنَّـا أَنزَلْنَـا التَّـوْرَاةَ فِيهَـا هُـدًى وَنُـورٌ يَحْكُـمُ بِهَـا النَّبِيُّـونَ الَّذِيـنَ أَسْـلَمُواْ لِلَّذِيـنَ هَـادُواْ
وَالرَّبَّانِيُّـونَ وَالأَحْبَـارُ بِمَـا اسْـتُحْفِظُواْ مِـن كِتَـابِ اللّهِ وَكَانُـواْ عَلَيْـهِ شُـهَدَاء ... } .
سورة المائدة / آية : 44 .
2 ـ الإنجيـــل :
الـذي نـزل علـى " عيـسى " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ وَقَفَّيْنَـا عَلَـى آثَارِهِـم بِعَيسَـى ابْـنِ مَرْيَـمَ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَآتَيْنَـاهُ الإِنجِيـلَ فِيـهِ هُـدًى وَنُـورٌ وَمُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَهُـدًى وَمَوْعِظَـةً لِّلْمُتَّقِيـنَ } . سورة المائدة / آية : 46 .
3 ـ الزبــور :
الـذي أنـزل علـى " داود " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ ... وَآتَيْنَـا دَاوُودَ زَبُـوراً } . سورة الإسراء / آية : 55 .
4 ـ الصحــف :
التـى أنزلهـا الله علـى " إبراهيـم " و " موسـى " . حيـث قـال تعالـى :
{ أَمْ لَـمْ يُنَبَّـأْ بِمَـا فِـي صُحُـفِ مُوسَـى * وَإِبْرَاهِيـمَ الّـَذِي وَفَّـى } .
سورة النجم / آية : 36 ، 37 .
وقـال تعالـى : { إِنَّ هَـذَا لَفِـي الصُّحُـفِ الأُولَـى * صُحُـفِ إِبْرَاهِيـمَ وَمُوسَـى } .
سورة الأعلى / آية : 18 ، 19 .
وأمـا الكتـب الأخـرى التـي نزلـت علـى سـائر الرسـل ، فلـم يخبرنـا الله سـبحانه عـن أسـمائها ، وإنمـا أخبرنـا سـبحانه أن لكـل نبـي أرسـله الله ، رسـالة بلغهـا قومـه .
فقـال تعالـى : { كَـانَ النَّـاسُ أُمَّـةً وَاحِـدَةً فَبَعَـثَ اللّهُ النَّبِيِّيـنَ مُبَشِّـرِينَ وَمُنذِرِيـنَ وَأَنـزَلَ مَعَهُـمُ الْكِتَـابَ بِالْحَـقِّ لِيَحْكُـمَ بَيْـنَ النَّـاسِ فِيمَـا اخْتَلَفُـواْ فِيـهِ ... } .
سورة البقرة / آية : 213 .
ـ فيجـب علينـا أن نؤمـن بهـذه الكتـب التـى لـم تسـم إجمـالاً ، ولا يجـوز لنـا أن ننسـب كتابـًا إلـى الله تعالـى سـوى ما نسـبه إلـى نفسـه مما أخبرنـا عنـه فـي القـرآن الكريـم .
ـ كمـا يجــب أن نؤمـن بـأن هـذه الكتـب نزلـت بالحـق والنـور والهـدى ، وتوحيـد الله
سـبحانه فـي ربوبيتـه وألوهيتـه وأسـمائه وصفاتـه ، وأن مـا نسـب إليهـا ممـا يخالـف ذلـك ، إنمـا هـو تحريـف البشـر وصنعهـم .
قـال تعالـى : { إِنَّـا أَنزَلْنَـا التَّـوْرَاةَ فِيهَـا هُـدًى وَنُـورٌ ... } . سورة المائدة / آية : 44 .
وقـال تعالـى عـن الإنجيـل : { وَقَفَّيْنَـا عَلَـى آثَارِهِـم بِعَيسَـى ابْـنِ مَرْيَـمَ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَآتَيْنَـاهُ الإِنجِيـلَ فِيـهِ هُـدًى وَنُـورٌ وَمُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَهُـدًى وَمَوْعِظَـةً لِّلْمُتَّقِيـنَ } .
سورة المائدة / آية : 46 .
ـ ويجـب علينـا أن نؤمـن بـأن القـرآن العظيـم هـو آخـر كتـاب نـزل مـن عنـد الله تعالـى ، وأن الله عـز وجـل قـد خصـه بمزايـا تميـز بهـا عـن جميـع مـا تقدمـه مـن الكتـب المنزلـة مـن أهمهـا :
1ـ أنـه تضمـن خلاصـة التعاليـم الإلهيـة ، وجـاء مؤيـدًا ومصدقـًا لمـا جـاء فـي الكتـب السـابقة مـن توحيـد اللـه وعبادتـه ووجـوب طاعتـه .
وجمـع كـل مـا كـان متفرقـًا فـي تلـك الكتـب مـن الحسـنات والفضائـل . وجـاء مهيمنـًا ورقيبـًا ، يقـر مـا فيهـا مـن حـق ، ويبيـن مـا دخـل عليهـا مـن تحريـف وتغييـر .
قـال تعالـى : { وَأَنزَلْنَـا إِلَيْـكَ الْكِتَـابَ بِالْحَـقِّ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ الْكِتَـابِ وَمُهَيْمِنـاً عَلَيْـهِ ... } . سورة المائدة / آية : 48 .
وإنـه جـاء بشـريعة عامـة للبشـر فيهـا كـل مـا يلزمهـم لسـعادتهم فـي الداريـن ، نسـخ بهـا جميـع الشـرائع العمليـة الخاصـة بالأقـوام السـابقة ، وأثبـت فيهـا الأحكـام النهائيـة الخالـدة لكـل زمـان ومكـان .
2 ـ إن القـرآن هـو الكتـاب الربانـي الوحيـد الـذي تعهـد الله حفظـه .
قـال تعالـى : { إِنَّـا نَحْـنُ نَزَّلْنَـا الذِّكْـرَ وَإِنَّـا لَـهُ لَحَافِظُـونَ } . سورة الحجر / آية : 9 .
3 ـ القـرآن أنزلـه الله على رسـوله محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ للنـاس كافـة ، وليـس خاصًـا بقـوم معينيـن كمـا كانـت تنـزل الكتـب السـابقة .
فكـان حفظـه مـن التحريـف وصيانتـة مـن عبـث النـاس ، ليبقـى مـا فيـه حجـة الله علـى النـاس قائمـة حتـى يـرث الله الأرض ومـن عليهـا .
وأمـا الكتـب الأخـرى فقـد وجـه الكـلام فـي كـل واحـد منهـا إلـى أمـة خاصـة دون سـائر الأمـم .
وهـي وإن اتفقـت فـي أصـل الديـن ، إلا أن مـا نـزل فيهـا مـن الشـرائع والأحكـام كـان خاصـًا بأزمنـة معينـة وأقـوام معينيـن .
قـال تعالـى : { ... لِكُـلٍّ جَعَلْنَـا مِنكُـمْ شِـرْعَةً وَمِنْهَاجـاً ... } . سورة المائدة / آية : 48 .
لذلـك لـم يتعهـد الله سـبحانه بحفـظ أي منهـا علـى مـدى الأزمـان كمـا هـو الحـال بالنسـبة للقـرآن .
بـل أخبـر عـز وجـل فـي آخـر كتبـه ( القـرآن ) عـن التحريـف الـذي وقـع علـى تلـك الكتـب .
* فعـن التحريـف والتغييـر الـذي أدخلـه اليهـود علـى التـوراة ، قـال تعالـى :
{ أَفَتَطْمَعُـونَ أَن يُؤْمِنُـواْ لَكُـمْ وَقَـدْ كَـانَ فَرِيـقٌ مِّنْهُـمْ يَسْـمَعُونَ كَـلاَمَ اللّهِ ثُـمَّ يُحَرِّفُونَـهُ مِـن بَعْـدِ مَـا عَقَلُـوهُ وَهُـمْ يَعْلَمُـونَ } . سورة البقرة / آية : 75 .
وقـال أيضـًا : { مِّـنَ الَّذِيـنَ هَـادُواْ يُحَرِّفُـونَ الْكَلِـمَ عَـن مَّوَاضِعِـهِ ... } .
سورة النساء / آية : 46 .
* وأمـا عـن التحريـف الـذي أدخلـه النصـارى علـى الإنجيـل ، قـال تعالـى :
{ وَمِـنَ الَّذِيـنَ قَالُـواْ إِنَّـا نَصَـارَى أَخَذْنَـا مِيثَاقَهُـمْ فَنَسُـواْ حَظّـاً مِّمَّـا ذُكِّـرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُـمُ الْعَـدَاوَةَ وَالْبَغْضَـاء إِلَـى يَـوْمِ الْقِيَامَـةِ وَسَـوْفَ يُنَبِّئُهُـمُ اللّهُ بِمَـا كَانُـواْ يَصْنَعُـونَ * يَـا أَهْـلَ الْكِتَـابِ قَـدْ جَاءكُـمْ رَسُـولُنَا يُبَيِّـنُ لَكُـمْ كَثِيـراً مِّمَّـا كُنتُـمْ تُخْفُـونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُـو عَـن كَثِيـرٍ قَـدْ جَاءكُـم مِّـنَ اللّهِ نُـورٌ وَكِتَـابٌ مُّبِيـنٌ } . سورة المائدة / آية : 14 ، 15 .
والحـق الـذي لا يمـاري فيـه منصـف أنـه لا يوجـد اليـوم علـى ظهـر الأرض كتـاب تصلـح نسـبته إلـى الخالـق تبـارك وتعالـى سـوى " القـرآن الكريـم " .
ـ فالكتـب التـى نزلـت قبـل القـرآن ، قـد ضاعـت نسـخها الأصليـة ، ولـم يبـق فـي أيـدي النـاس إلا تراجمهـا .
أمـا القـرآن فإنـه لا يـزال محفوظـًا بسـوره وآياتـه وكلماتـه وحركاتـه ، كما تـلاه جبريـل
ـ عليه السلام ـ علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وكمـا تـلاه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى صحابتـه ـ رضوان الله عليهم ـ .
ـ والكتـب قـد اختلـط فيهـا كـلام الله بكـلام النـاس مـن تفسـير وتاريـخ وسـير الأنبيـاء وتلاميذهـم ، واسـتنباطات الفقهـاء ، فـلا يعـرف فيهـا كـلام الله مـن كـلام البشـر .
أمـا " القـرآن " فهـو جميعـه كـلام الله تعالـى ، ولـم يختلـط بـه غيـره مـن حديـث الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو أقـوال الصحابـة ـ رضوان الله عليهم ـ ، أو غيرهـم .
ـ والكتـب ليـس منهـا كتـاب تصـح نسـبته إلـى الرسـول الـذي ينسـب إليـه ، فليـس لأي منهـا سـند تاريخـي موثـوق .
فالأسـفار الموجـودة ضمـن مـا يسـمى بالعهـد القديـم ، ويطلـق عليـه التـوراة ، إنمـا دُونـت بعـد موسـى ـ عليه السلام ـ بقـرون عديـدة .
وأمـا القـرآن العظيـم فهـو الكتـاب الوحيـد الـذي ثبتـت نسـبته بصـورة قطعيـة إلـى الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
ومـن الأدلـة علـى وقـوع التحريـف فـي تلـك الكتـب تعـدد نسـخها واختلافهـا فيمـا نقلتـه مـن الأقـوال والآراء .
وورد فـي العقائـد الإسـلامية / سـيد سـابق / ص : 16 :
ويكفـي لصحـة التدليـل علـى التحريـف فـي الأناجيـل المتداولـة بأيـدي النصـارى الآن أنهـا أربعـة اختيـرت مـن نحـو سـبعين إنجيـلاً .
ومـن القرائـن القاطعـة علـى وقـوع التحريـف فـي هـذه الكتـب مـا تضمنتـه مـن العقائـد الفاسـدة والتصـورات الباطلـة عـن الخالـق سـبحانه ، وعـن رسـله الكـرام عليهـم السـلام .
* فنجـد فيهـا تشـبيه الخالـق بالإنسـان ، وأنـه ينجـب .
قـال تعالـى : { وَقَالَـتِ الْيَهُـودُ عُزَيْـرٌ ابْـنُ اللّهِ وَقَالَـتْ النَّصَـارَى الْمَسِـيحُ ابْـنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُـم بِأَفْوَاهِهِـمْ يُضَاهِـؤُونَ قَـوْلَ الَّذِيـنَ كَفَـرُواْ مِـن قَبْـلُ قَاتَلَهُـمُ اللّهُ أَنَّـى يُؤْفَكُـونَ } .
سورة التوبة / آية : 30 .
* ونجـد فيهـم القـدح بالأنبيـاء .
فقـد ادعـوا فـي كتبهـم أن " إبراهيـم " ـ عليه السلام ـ كـذاب ، وأن " لوطـًا " زنـا بابنتـه ، وأن " هـارون " دعـا الإسـرائيليين إلـى عبـادة العجـل ، وأن " داود " زنـا ، وأن " سـليمان " عبـد الأصنـام إرضـاءً لزوجتـه .
فهـل ثـم دليـل علـى التحريـف أقـوى مـن هـذا ؟ ! .
* * * * *
رابعًــا : الإيمـــان بالرســـل
=====================
الإيمـان بالأنبيـاء والرسـل هـو الركـن الرابـع مـن أركـان الإيمـان .
ومعنـاه : الإيمـان بمـن سـمى الله تعالـى فـي كتابـه مـن رسـله وأنبيـائه ، والإيمـان بـأن الله عـز وجـل أرسـل رسـلاً سـواهـم ، وأنبيـاء لا يعلـم عددهـم وأسـماءهم إلا الله تعالـى الـذي أرسـلهم .
قـال جـل وعـلا :
{ وَلَقَـدْ أَرْسَـلْنَا رُسُـلاً مِّـن قَبْلِـكَ مِنْهُـم مَّـن قَصَصْنَـا عَلَيْـكَ وَمِنْهُـم مَّـن لَّـمْ نَقْصُـصْ عَلَيْـكَ ... } . سورة غافر / آية : 78 .
وقـال تعالـى : { ... وَإِن مِّـنْ أُمَّـةٍ إِلاَّ خـلاَ فِيهَـا نَذِيـرٌ } . سورة فاطر / آية : 24 .
كتاب : الإيمان / ص : 46 .
الفـرق بيـن النبــي والرســول :
النبـي : ذَكَـر مـن بنـي آدم أوحـى الله تعالـى إليـه بأمـر .
فـإن أُمـر بتبليغـه إلـى النـاس فهـو نبـي ورسـول .
وإن لـم يؤمـر بتبليغـه فهـو نبـي غيـر رسـول .
وعليـه فكـل رسـول نبـي ، وليـس كـل نبـي رسـولاً .
* ومثـال النبـي فقـط : يوشـع بـن نـون صاحـب موسـى وفتـاه ـ عليهما السلام ـ ، فقـد نبـأه الله تعالـى ، وخلـف مـوسى وهـارون فـي بنـي إسـرائيل ، وهـو الـذي غـزا بيـت المقـدس وفتحهـا الله عليـه .
* ومثـال النبـي الرسـول : محمـد بـن عبـد الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
عقيدة المؤمن / ص : 209 .
الأنبيــاء والرسـل المذكـورون فـي القــرآن :
================================
المذكـورون فـي القـرآن الكريـم مـن الأنبيـاء والرسـل خمسـة وعشـرون ، وهـم :
آدم ، ونـوح ، وإدريـس ، وصالـح ، وإبراهيـم ، وهـود ، ولـوط ، ويونـس ، وإسـماعيل ، وإسـحاق ، ويعقوب ، ويوسـف ، وأيـوب ، وشـعيب ، وموسى ، وهـارون ، واليسـع ، وذا الكفـل ، وداود ، وزكريـا ، وسـليمان ، وإليـاس ، ويحيـى ، وعيسـى ، ومحمـد صلوات الله وسلامه عليهـم أجمعيـن .
وقـد ورد ذكـر ثمانيـة عشـر منهـم فـي قولـه تعالـى :
{ وَتِلْـكَ حُجَّتُنَـا آتَيْنَاهَـا إِبْرَاهِيـمَ عَلَـى قَوْمِـهِ نَرْفَـعُ دَرَجَـاتٍ مَّـن نَّشَـاء إِنَّ رَبَّـكَ حَكِيـمٌ عَلِيـمٌ * وَوَهَبْنَـا لَـهُ إِسْـحَاقَ وَيَعْقُـوبَ كُـلاًّ هَدَيْنَـا وَنُوحـاً هَدَيْنَـا مِـن قَبْـلُ وَمِـن ذُرِّيَّتِـهِ دَاوُودَ وَسُـلَيْمَانَ وَأَيُّـوبَ وَيُوسُـفَ وَمُوسَـى وَهَـارُونَ وَكَذَلِـكَ نَجْـزِي الْمُحْسِـنِينَ * وَزَكَرِيَّـا وَيَحْيَـى وَعِيسَـى وَإِلْيَـاسَ كُـلٌّ مِّـنَ الصَّالِحِيـنَ * وَإِسْـمَاعِيلَ وَالْيَسَـعَ وَيُونُـسَ وَلُوطـاً وَكُـلاًّ فضَّلْنَـا عَلَـى الْعَالَمِيـنَ } . سورة الأنعام / آية : 83 ـ 86 .
وورد ذكـر الآخريـن فـي مواضـع مـن القـرآن .
قـال تعالـى : { وَإِلَـى عَـادٍ أَخَاهُـمْ هُـوداً ... } . سورة هود / آية : 50 ، سورة الأعراف / آية : 65 .
وقـال تعالـى : { وَإِلَـى ثَمُـودَ أَخَاهُـمْ صَالِحـاً ... } . سورة هود / آية : 61 ، سورة الأعراف / آية : 73 .
وقـال تعالـى : { وَإِلَـى مَدْيَـنَ أَخَاهُـمْ شُـعَيْباً ... } . سورة الأعراف / آية : 85 ، سورة هود / آية : 84 .
وقـال تعالـى : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَـى آدَمَ وَنُوحـاً ... } . سورة آل عمران / آية : 33 .
وقـال تعالـى : { وَإِسْـمَاعِيلَ وَإِدْرِيـسَ وَذَا الْكِفْـلِ كُـلٌّ مِّـنَ الصَّابِرِيـنَ } .
سورة الأنبياء / آية : 85 .
وقـال تعالـى : { مُّحَمَّـدٌ رَّسُـولُ اللَّهِ وَالَّذِيـنَ مَعَـهُ أَشِـدَّاء عَلَـى الْكُفَّـارِ رُحَمَـاء بَيْنَهُـمْ ... } . سورة الفتح / آية : 29 .
فهـؤلاء الرسـل والأنبيـاء يجـب الإيمـان برسـالتهم ونبوتهـم تفصيـلاً ، بمعنـى أن الإنسـان لـو عـرض عليـه واحـد منهـم لـم ينكـر نبوتـه ، ولا رسـالته إن كـان رسـولاً ، فمـن أنكـر نبـوة واحـد منهـم ، أو أنكـر رسـالة مـن بُعـث منهـم برسـالة كَفَـرَ .
وأمـا الأنبيـاء والرسـل الذيـن لـم يقصصهـم القـرآن علينـا ، فقـد أمرنـا أن نؤمـن بهـم إجمـالاً .
وليـس لنـا أن نقـول برسـالة أحـد مـن البشـر أو نبوتـه مـا دام القـرآن لـم يذكـره فـي عـداد الأنبيـاء والرسـل ، ولـم يخبرنـا بـه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
الإيمان / ص : 47 .
أولـو العــزم مـن الرســل :
========================
أولـو العـزم مـن الرسـل ، كمـا ذكـر كثيـر مـن العلمـاء ، خمسـة هـم :
محمـد صلـى الله عليه وعلـى آله وسـلم ، وإبراهيـم ، وموسـى ، ونـوح ، وعيسـى عليهـم الصـلاة والسـلام .
معنـى أولـو العـزم : أصـل العـزم فـي الأمـر : الجـد والاجتهـاد فيـه .
قـال تعالـى : { فَاصْبِـرْ كَمَـا صَبَـرَ أُوْلُـوا الْعَـزْمِ مِـنَ الرُّسُـلِ ... } .
سورة الأحقاف / آية : 35 .
وجـاء فـي القـرآن بيـان عددهـم وأسـمائهم معـًا .
قـال تعالـى : { وَإِذْ أَخَذْنَـا مِـنَ النَّبِيِّيـنَ مِيثَاقَهُـمْ وَمِنـكَ وَمِـن نُّـوحٍ وَإِبْرَاهِيـمَ وَمُوسَـى وَعِيسَـى ابْـنِ مَرْيَـمَ ... } . سورة الأحزاب / آية : 7 .
§ يجـب علينـا أن نؤمـن بـأن الله بعـث رسـله إلـى الخلـق لتبشـيرهم وإنذارهـم .
تبشـيرهم برضـوان الله وثوابـه وجنتـه ، إنْ آمنـوا بـه سـبحانه وبرسـله وأطاعـوه .
وإنذارهـم مـن غضـب الله إن كفـروا وعصـوا .
قـال عـز وجـل : { وَمَـا نُرْسِـلُ الْمُرْسَـلِينَ إِلاَّ مُبَشِّـرِينَ وَمُنذِرِيـنَ فَمَـنْ آمَـنَ وَأَصْلَـحَ فَلاَ خَـوْفٌ عَلَيْهِـمْ وَلاَ هُـمْ يَحْزَنُـونَ * وَالَّذِيـنَ كَذَّبـُواْ بِآيَاتِنَـا يَمَسُّـهُمُ الْعَـذَابُ بِمَا كَانُـواْ يَفْسُـقُونَ } . سورة الأنعام / آية : 48 ، 49 .
§ ويجـب علينـا أن نؤمـن بأن جميـع هـؤلاء الرسـل بعثهـم الله لتحقيـق غـرض أساسـي وهـو " عبـادة الله " عـز وجـل ، وتوحيـده .
قـال تعالــى : { وَمَـا أَرْسَـلْنَا مِـن قَبْلِــكَ مِـن رَّسُــولٍ إِلاَّ نُوحِــي إِلَيْـهِ أَنَّـهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَـا
فَاعْبُـدُونِ } . سورة الأنبياء / آية : 25 .
§ كمـا يجـب أن نؤمـن بـأن رسـل الله جميعـًا كانـوا رجـالاً مـن البشـر .
قـال تعالـى : { وَمَـا أَرْسَـلْنَا قَبْلَـكَ إِلاَّ رِجَـالاً نُّوحِـي إِلَيْهِـمْ ... } . سورة الأنبياء / آية : 7 .
§ ويجـب أن نؤمـن أن الله سـبحانه لـم يخصهـم بطبائـع أخـرى غيـر الطبائـع البشـرية ، وإنمـا اختارهـم الله سـبحانـه مـن الرجـال الذيـن يأكلـون ويشـربون ، ويمشـون فـي الأسـواق ، وينامـون ، ويجلسـون ويضحكـون ، ولهـم أزواج وذريـة ، ويتعرضـون للأذى ، وتمتـد إليهـم أيـدي الظلمـة ، وينالهـم الاضطهـاد ، وأنهـم يموتـون ، وقـد يقتلـون بغيـر حـق ، وأنهـم يتألمـون ويصيبهـم المـرض وسـائر الأعـراض البشـرية التـي لا تـؤدي إلـى نقـص فـي مراتبهـم العليـة بيـن الخلـق .
وقـد دل علـى ذلـك كثيـر مـن النصـوص منهـا :
قولـه تعالـى : { وَمَـا مُحَمَّـدٌ إِلاَّ رَسُـولٌ قَـدْ خَلَـتْ مِـن قَبْلِـهِ الرُّسُـلُ أَفَـإِن مَّـاتَ أَوْ قُتِـلَ انقَلَبْتُـمْ عَلَـى أَعْقَابِكُـمْ وَمَـن يَنقَلِـبْ عَلَـىَ عَقِبَيْـهِ فَلَـن يَضُـرَّ اللّهَ شَـيْئاً وَسَـيَجْزِي اللّهُ الشَّـاكِرِينَ } . سورة آل عمران / آية :144 .
وقولـه تعالـى : { وَمـا أَرْسَـلْنَا قَبْلَـكَ مِـنَ الْمُرْسَـلِينَ إِلاَّ إِنَّهُـمْ لَيَأْكُلُـونَ الطَّعَـامَ وَيَمْشُـونَ فِـي الأَسْـوَاقِ ... } . سورة الفرقان / آية : 20 .
وقولـه تعالـى : { وَلَقَـدْ أَرْسَـلْنَا رُسُـلاً مِّـن قَبْلِـكَ وَجَعَلْنَـا لَهُـمْ أَزْوَاجـاً وَذُرِّيَّـةً ... } .
سورة الرعد / آية : 38 .
وكـان صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم يمـرض ويتألـم ، وكـان يصيبـه الحـر والبـرد والجـوع والعطـش والغضـب والتعـب ..... .
§ يجـب أن نؤمـن بأن الله أيدهـم بالمعجـزات الباهـرات ، والآيـات الظاهـرات ، الدالـة علـى صدقهـم فيمـا
علـى صدقهـم فيمـا جـاءوا بـه مـن عنـد ربهـم تبـارك وتعالـى .
والمعجـزات هـي : مـا يجريـه الله علـى أيـدي رسـله وأنبيائـه مـن خـوارق العـادات التـى
يتحـدُّون بهـا العبـاد .
فنؤمـن بكـل مـا ذكـر فـي القـرآن الكريـم منهـا ، وبمـا وردت فيـه الأحاديـث الصحيحـة عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
§ يجـب أن نؤمـن بـأن الله فضـل بعـض الرسـل علـى بعـض .
لقولـه تعالـى : { تِلْـكَ الرُّسُـلُ فَضَّلْنَـا بَعْضَهُـمْ عَلَـى بَعْـضٍ مِّنْهُـم مَّـن كَلَّـمَ اللّهُ وَرَفَـعَ بَعْضَهُـمْ دَرَجَـاتٍ ... } . سورة البقرة / آية : 253 .
نؤمـن بـأن أفضلهـم وأفضـل البشــر علـى الإطـلاق نبينـا محمـد بـن عبـد الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
* فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" أنـا سـيد ولـد آدم يــوم القيامــة ، وأول مـن ينشــق عنـه القبــر ، وأول شـافع وأول مشـفع " .
رواه مسلم / ج : 4 . ذكره الشيخ مقبل رحمه الله في كتابه : الشفاعة / ص : 34 .
§ ويجـب أن نؤمـن أن رسـولنا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ هـو خاتـم الأنبيـاء .
لقولـه تعالـى : { ... وَلَكِـن رَّسُـولَ اللَّهِ وَخَاتَـمَ النَّبِيِّيـنَ ... } . سورة الأحزاب / آية : 40 .
وقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " مثلـي ومثـل الأنبيـاء كمثـل رجـل بنـى بنيانـًا فأحسـنه وأجملـه إلا موضـع لبنـة مـن زاويـة من زوايـاه ، فجعـل النـاس يطوفـون بـه ، ويعجبـون لـه ، ويقولـون : هـلا وضعـت هـذه اللبِنَـة ، قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : فأنـا اللبنـة وأنـا خاتـم النبييـن " . متفق عليه . واللفظ لمسلم .
§ ويجـب أن نؤمـن بتجريـد متابعـة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
قـال تعالـى : { قُـلْ إِن كُنتُـمْ تُحِبُّـونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِـي يُحْبِبْكُـمُ اللّهُ ... } .
سورة آل عمران / آية : 31 .
وقـال تعالـى : { فَـلاَ وَرَبِّـكَ لاَ يُؤْمِنُـونَ حَتَّـىَ يُحَكِّمُـوكَ فِيمَـا شَـجَرَ بَيْنَهُـمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِـهِمْ حَرَجـاً مِّمَّـا قَضَيْـتَ وَيُسَـلِّمُواْ تَسْـلِيماً } .
سورة النساء / آية : 65 .
§ يجـب أن نؤمـن بأنـه صلـوات الله وسـلامه عليـه مبعـوث للنـاس جميعـًا .
قـال تعالـى : { وَمَـا أَرْسَـلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّـةً لِّلنَّـاسِ بَشِـيراً وَنَذِيـراً ... } .
سورة سبأ / آية : 28
***************
فهــرس الجــزء الأول
الموضـوع رقم الصفحـة
تمهيـد 1
مفاهيـم خاطئـة : 7
1 ـ اعتقـاد ... بـأن الأمـر بمـا وقـر فـي القلـب . 7
2 ـ تقسـيم الديـن إلـى قشـر ولبـاب . 8
3 ـ إحـداث عبـادات . 10
4 ـ الخلـط بيـن التصـديق ومجـرد المعرفـة . 13
مـا الفـرق بيـن : التوحيـد ، العقيـدة ، الإيمـان ؟ . 16
مـن لـوازم التوحيـد : الـولاء و البـراء . 19
أنـواع التوحيـد : 24
أولاً : توحيـد الربوبيـة . 24
ثانيـًا : توحيـد الألوهيـة . 27
ثالثـًا : توحيـد الأسـماء والصفـات . 28
الإيمـان و أركانـه 34
شـرح أركـان الإيمـان : 35
أولاً : الإيمـان بالله . 35
ثانيـًا : الإيمـان بالملائكـة . 36
أولاً : علاقـة الملائكـة بالكـون . 41
ثانيـًا : علاقـة الملائكـة بالإنسـان . 47
بعـض صفـات الملائكـة . 50
أثـر الإيمـان بالملائكـة . 54
الإيمـان بالجـن . 56
وسـائل الاحتـراز مـن الشـياطين . 58
الرقيـة وطـرد الشـيطان . 66
ثالثـًا : الإيمـان بالكتـب . 69
رابعـًا : الإيمـان بالرسـل . 75
الفهـرس 81
وإلـى الملتقـى إن شـاء الله تعالـى فـي الجـزء الثانـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق