الخميس، 26 مايو 2011

ما صح وما لم يصح في شهر رجب




تقديم

إن الحمـد لله ، نحمـده ونسـتعينه ونسـتغفره ،
ونعـوذ بالله مـن شـرور أنفسـنا ومـن سـيئات
أعمالنـا ، مـن يهـده الله فـلا مضـل لـه ، ومـن
يضلـل فـلا هـادي لـه ، وأشـهد أن لا إله إلا الله
وحـده لا شـريك لـه ، وأشـهد أن محمـدًا عبـده وسـوله .

{ يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـواْ اتَّقُـواْ اللهَ حَـقَّ تُقَاتِـهِ
وَلاَ تَمُوتُـنَّ إِلاَّ وَأَنتُـم مُّسْـلِمُونَ } .
سورة آل عمران / آية : 102 .

{ يَـا أَيُّهَـا النَّـاسُ اتَّقُـواْ رَبَّكُـمُ الّـَذِي خَلَقَكُـم مِّـن
نَّفْـسٍ وَاحِـدَةٍ وَخَلَـقَ مِنْهَـا زَوْجَهَـا وَبَـثَّ مِنْهُمَـا
رِجَـالاً كَثِيراً وَنِسَـاء وَاتَّقُـواْ اللهَ الَّـذِي تَسَـاءلُونَ
بِـهِ وَالأَرْحَـامَ إِنَّ اللهَ كَـانَ عَلَيْكُـمْ رَقِيبـاً } .

سورة النساء / آية : 1 .

{ يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنـُوا اتَّقُـوا اللهَ وَقُولُـوا قَـوْلاً سَـدِيداً * 

يُصْلِـحْ لَكُـمْ أَعْمَالَكُـمْ وَيَغْفِـرْ لَكُـمْ ذُنُوبَكُـمْ وَمَـن يُطِـعْ

اللهَ وَرَسُـولَهُ فَقَـدْ فَـازَ فَـوْزاً عَظِيمـاً } .

سورة الأحزاب / آية : 70 ، 71 .

أمـا بعــد :

فـإن أصـدقَ الحديـثِ كتـابُ اللهِ ، وخيـرَ الهـديِ
هـديُ محمـدٍ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ،
وشـرَ الأمـورِ محدثاتُهَـا وكـلَّ محدثـةٍ بدعـةٌ ،
وكـلَّ بدعـةٍ ضلالـةٌ ، وكـلَّ ضلالـةٍ فـي النـارِ .

وبعــد :

ممـا عمـت بـه البلـوى اختـلاط الحابـل بالنابـل ،
والصحيـح بالسـقيم ، والسـنة بالبدعـة ، لـذا لـزم
التنبيـه علـى الأخطـاء الشـائعة ، ولـزم الإرشـاد
للطريـق القويـم .

وممـا احتيـج إليـه الإرشـاد إلـى المشـروع فـي
شـهر رجـب ، والتحذيـر ممـا ابْتُـدعَ فيـه ، وذلـك
عـن طريـق الدليـل الصريـح الصحيـح بفهـم سـلف
الأمـة ؛ مـع الإرشـاد للطريـق الوحيـد للخـلاص
مـن البـدع وآثارِهـا السـيئة ، وهـو الاعتصـام بالكتـاب
والسـنة اعتقـادًا وعلمـًا وعمـلاً .

فالبـدع فـي حقيقتهـا سـمٌّ ناقـعٌ قاتـل ، فهنيئـًا لمـن
وفقـه اللهُ فـي عبادتـه لاتبـاع السـنة ولـم
يخالطهـا ببدعـة .

جعلنـا الله مـن المتبعيـن للسـنة كيفمـا دارت ،
والمتباعديـن عـن الأهـواء حيثمـا مالـت ،
إنـه خيـر مسـؤول ، وأعظـم مأمـول .

نسـأل الله التوفيـق لمـا يحـب ويرضـى .،
وصلـى الله تعالـى وسـلَّم علـى نبيـه وعبـده ،
وعلـى آله وصحبـه . آميــــن .

*******************

هــدي النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ 


عنــد رؤيـــة هـــلال كــل شـــهر
~~~~~~~~~~~~
قـال الإمـام الحافـظ محمـد بـن عيسـى بـن سَـوْرَةَ
الترمـذيّ فـي سـننه :
حدثنـا محمـد بـن بَشَّـارٍ ، قـال : حدثنـا أبـو عامـرٍ
العَقَـدِيُّ ، قـال حدثنـا سـليمانُ بـن سُـفيانَ
المدِينـيُّ ، قـال : حدثنـي بـلالُ بـن يحيـى بـن طلحـةَ
ا بـن عُبيـدِ اللهِ ، عـن أبيـه ، عـن جَـدِّه طلحـةَ ابن عُبيـدِ
اللهِ ؛ أن النبـيَّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان
إذا رأى (1) الهـلالَ قـال : 

" اللهـم أَهْللـهُ علينـا باليمـنِ (2) والإيمـان (3) ، 

والسـلامةِ (4) والإسـلام (5) ، ربـي وربُّـكَ اللهُ (6) " . 

سنن الترمذي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 45 ) ـ كتاب : 
الدعوات /  51 ـ باب : ما يقول عند رؤية الهلال / حديث رقم : 3451 / 
ص : 784 / صحيح .
 
( 1 ) قولـه : كـان إذا رأى الهـلال : وهـو ـ أي الهـلال ـ يكـون 
من الليلـة الأولـى والثانيـة والثالثـة ، ثـم هـو قمـر .


( 2 ) " أهللـه علينـا باليمـن " : أي أطلعـه علينـا مقترنًـا بالبركـة .


( 3 ) " والإيمـان " : أي بـدوام الإيمـان .


( 4 ) " والسـلامة " : أي ـ السـلامة عـن كـل مضـرة وسـوء .


( 5 ) " والإسـلام " : أي بدوامـه .

( 6 ) " ربـي وربـك الله " : لمـا توسـل بـه ـ أي بالهـلال ـ
لطلـب اليمـن والإيمـان ، دل علـى عظـم شـأن الهـلال ،
فقـال : " ربـي وربـك الله " تنزيهًـا للخالـق أن
يُشـارك فـي تدبيـر مـا خلـق . 

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي / ج : 8 / كتاب : الدعوات / باب :
ما يقول عند رؤية الهلال / ص : 451 / بتصرف .

o فائـــدة :
هـل يلـزم قبـل الدعـاء بهـذا أن نـرى الهـلال
بأعيننـا فعـلاً ؟ !


لا يلـزم كـل شـخص ذلـك ، ولكـن يلـزم هـذا
 لمـن يسـتطلع الهـلال عنـا .

فخبـر الثقـة يكفـي لذلـك ، وذلـك مثـل حديـث :
" صومـوا لرؤيتـه " فـلا يلـزم كـل شـخص أن يـرى
الهـلال بعينـي رأسـه حتـى يبـدأ صيـام رمضـان ،
ولكـن يكفيـه خبـر الثقـات برؤيـة الهـلال ،
أو انتهـاء الشـهر وتمامـه .

فكـل مـا يلزمنـا محاولـة رؤيـة الهـلال ، فـإن تعـذر ،
فيكفـي مـا سـبق وهـو خبـر الثقـات


ونستأنس بفتوى
من موقع الشيخ محمد صالح المنجد


السؤال :
ما حكم الذي لا يصوم في أول رؤية هلال رمضان
إذا رؤي حتى يرى بنفسه ويستدل بالحديث القائل :

( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته )
وهل صحيح استدلالهم بهذا الحديث ؟

الجواب

الحمد لله
الواجب
الصيام إذا ثبتت رؤية الهلال ولو بواحد عدل
من المسلمين ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم
 بالصيام
عندما شهد الأعرابي برؤيته للهلال
وأما الاستدلال بحديث


( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته )1

على أن كل فرد لا يصوم إلا برؤيته بنفسه فغير صحيح ،
لأن الحديث خطاب عام بالصيام عند تحقق الرؤية
ولو من
واحد عدل من المسلمين .
فتاوى اللجنة الدائمة 10/94 ،

ومن الأدلّة الدالة أيضا على أنّ رؤية الواحد العدل
الثقة من المسلمين للهلال كافية

لوجوب الصيام على جميع المسلمين

حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنه قال :

"تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ
النَّاسَ بِصِيَامِهِ".2
رواه أبو داود في سننه : كتاب الصوم : باب في شهادة الواحد على 
رؤية  هلال رمضان .
وبعض أهل البدع يتأخّرون عن سائرالمسلمين بالصّوم لأجل اعتقادهم
الضّال بأنه لا صيام على الإنسان حتى يراه بنفسه 

والأحاديث تردّ عليهم ثم نسألهم
ماذا يفعل الأعمى وضعيف البصر إذن ؟

والأمر كما قال الله تعالى :
( فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )
(46) سورة الحج ،

والله الهادي إلى سواء السبيل .

الإسلام سؤال وجواب

سؤال رقم : 1584


هنا
__________

1*
قال النسائي في سنن
أخبرني إبراهيم بن يعقوب،قال: حدثنا سعيد بن
شبيب أبو عثمان- وكان شيخًا صالحًا بطرسوس-، قال:
أنبأنا ابن أبي زائدة عن حسين بن الحرث الجدلي،
عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب
أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال ألا
إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم وساءلتهم وأنهم حدثوني أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال
"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها
فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين فإن شهد شاهدان
فصوموا وأفطروا
"

سنن النسائي / تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني / كتاب الصيام /
باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان وذك /
حديث رقم : 2116 / التحقيق : صحيح


2*
قال أبو داود في سننه
حدثنا محمود بن خالد وعبد الله بن عبد الرحمن
السمرقندي- وأنا لحديثه أتقن- قالا:حد ثنا
مروان- هو ابن محمد-، عن عبد الله بن وهب،
عن يحيى بن عبد الله بن سالم، عن أبي
بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال
تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه
وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه 

 
سنن أب داود / تحقيق الشيخ الألباني / كتاب الصوم / باب في
شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان/ حديث رقم : 2342 /
التحقيق : صحيح 



شــهر رجــب الفــرد الحــرام
 

المشـــروع فيـه ، والمبتــدع 
 
~~~~~~~~~~
إن الله قـد اصطفـى صفايـا مـن خلقـه ؛ اصطفـى من الملائكـة رسـلاً ،
ومـن النـاس رسـلاً ، واصطفـى مـن الكـلام ذكـره ، واصطفـى 
من الأرض المسـاجد ، واصطفـى من الشـهور رمضـان والأشـهر الحـرم ، 
واصطفـى مـن الأيـام يـوم الجمعـة ، واصطفـى من الليالـي ليلـة القـدر .

الأشـــهر الحـُـــرُم هـــي :
==============
رجـب ، ذو القعـدة ، ذو الحجـة ، محـرم .
وشـهر رجـب منفـرد عـن إخوتـه ، فبقيـة الأشـهر الحـرم متتاليـة ،
لـذا سـماه العلمـاء " الفـرد " نسـبة لانفـراده عـن 
بقيـة الأشـهر الحـرم .


oفـائـــدة :


وليـس معنـى اصطفـاء الله لهـذه الصفايـا مـن خلقـه
أن نعظمهـا كيـف نشـاء ، ولكـن فـي حـدود
النصـوص الشـرعية الخاصـة بذلـك .


* وقـد عظـم الله حرمـات الأشـهر الحـرم ، وجعـل
الظلـم فيهـا أعظـم خطيئـةً ووزرًا مـن الظلـم فيمـا
سـواها ، وإن كـان الظلـم فـي كـل حـال عظيمـًا ،
سـواء ظلـم الإنسـانُ نفسَـهُ أو غيـره . وقـد ذكـر
الله الأشـهر الحـرم فـي قولـه تعالـى :

{ إِنَّ عِـدَّةَ الشُّـهُورِ عِنـدَ اللهِ اثْنَـا عَشَـرَ شَـهْراً فِـي
كِتَـابِ اللهِ يَـوْمَ خَلَـقَ السَّـمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَـا
أَرْبَعَـةٌ حُـرُمٌ ذَلِـكَ الدِّيـنُ الْقَيِّـمُ فَـلاَ تَظْلِمُـواْ فِيهِـنَّ
أَنفُسَـكُمْ وَقَاتِلُـواْ الْمُشْـرِكِينَ كَآفَّـةً كَمَـا يُقَاتِلُونَكُـمْ
كَآفَّـةً وَاعْلَمُـواْ أَنَّ اللهَ مَـعَ الْمُتَّقِيـنَ
} .

سورة التوبة / آية : 36 .

" إن عـدة الشـهور عنـد الله " : أي فـي حكـم الله ،
وفيمـا كتـب فـي اللـوح المحفـوظ .


" يـوم خلـق ..... " : ليبيــن أن قضــاءه وقـدره
كـان قبــل ذلـك ، وأنـه سـبحانه وضـع هــذه

الشـهور وسـماها بأسـمائها علـى مـا رتبهـا عليـه
يـوم خلــق الســموات والأرض . وحكمهـا بـاقٍ

علـى مـا كانـت عليـه لـم يزلْهـا عـن ترتيبهـا تغييـر
المشـركين لأسـمائها .

 
والمقصـود مـن ذلـك اتبـاع أمـر الله فيهـا ورفـض
مـا كـان عليـه أهـل الجاهليـة مـن تأخيـر أسـماء
الشـهور وتقديمهـا ، وتعلـق الأحكـام علـى الأسـماء
التـي رتبوهـا عليـ
ه .

القرطبي .


وقـد بيـن الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
هـذه الأشـهر الأربعـة الحـرم .


* فعـن أبـي بكـرة عـن النبـي ـ صلى الله 

عليه وسلم
ـ قـال : 

 
" ألا إن الزمـان قـد اسـتدار(1) كهيئتـه يـوم خلـق الله
السـموات والأرض السـنة اثنـا عشـر شـهرًا منهـا
أربعـة حـرم ثـلاث متواليـات ذو الْقَعْـدة وذو الحجـة
والمحـرم ورجـبُ مُضَـرَ الـذي بيـن جُمَـادَى وشـعبان
" . 


صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 8 ) ـ باب : قوله :
" إن عدة الشهور عند الله
اثنا عشر شهرًا ... / حديث رقم : 4662 / ص : 550

(1 )الزمـان قـد اسـتدار : قيـل فـي التفاسـير :
قـال " إيـاس بـن معاويـة " كـان المشـركون يحسـبون
السـنة اثنـى عشـر شـهرًا وخمسـة عشـر يومـًا ،
فكـان الحـج يكـون فـي رمضـان وفـي ذي القعـدة
وفـي كـل شـهر مـن السـنة بحكـم اسـتدارة الشـهر
بزيـادة الخمسـة عشـر يومـًا . فحـج أبـو بكـر سـنة
تسـع فـي ذي القعـدة بحكـم الاسـتدارة ، ولـم
حـج النبـي ـ
صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ .
فلمـا كـان فـي العـام المقبـل وافـق الحـج ذا الحجـة
فـي العشـر ، ووافـق ذلـك الأهِلَّـة وهـذا القـول
أشـبه بقـول النبـي
" إن الزمـان قـد اسـتدار " :
أي زمـان الحـج عـاد إلـى وقتـه الأصلـي الـذي
عينـه الله يـوم خلـق السـموات والأرض بأصـل المشـروعية
التـي سـبق بهـا علمـه ، ونفـذ بهـا حكمـه .


ثـم قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" السـنة اثنـا عشـر شـهرًا " : ينفـي بذلـك الزيـادة
التـي زادوهـا فـي السـنة ـ وهـي الخمسـة عشـر
يومـًا ـ بتحكيمهـم ، فتعيـن الوقـت الأصلـي
وبطـل التحكـم الجهلـيّ .

تفسير القرطبي / مجلد رقم : 4 / ص : 3063 / تفسير التوبة .

وقولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" ورجـب مُضـر الـذي بيـن جمـادَى وشـعبان " :


إنمـا أضافـهُ إلـى مُضـر ليبيـن صحـة قولهـم فـي
رجـب ومكانـه بيـن الشـهور .


وقيـل له " رجـب مضـر " : لأن ربيعـة بـن نـزار
كانـوا يُحَرِّمُـونَ شـهر رمضـان ويسـمونه رجبًـا .


وكانـت مضـر تحـرِّم رجبـًا نفسـه .القرطبي .

قـال الإمـام البغـوي : قـال قتـادة :

والظلـم فيهـن ( أي فـي الأشـهر الحـرم ) أعظـم
مـن الظلـم فيمـا سـواهنّ ، وإن كـان الظلـم علـى
كـل حـال عظيمـًا .

فارتكـاب محـارم الله كلهـا ، والفواحـش مـا ظهــر
منهـا ومـا بطـن ، ظلـم للنفـس حَرَّمـه الله ، ونهـى
عنـه ، كمـا نهـى تعالـى عـن ظلـم الإنسـان لغيـره .


* فعـن أبـي ذر ، عـن النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فيمـا روى عـن الله تبـارك وتعالـى أنـه قـال :

" يـا عبـادي ! إنـي حرمَـتُ الظلـمَ على نفسـي
وجعلتُـه بينكـم محرمـًا . فلا تظَالمُـو .....
" .

صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب : البر والصلة والآداب / ( 15 ) ـ
باب :
تحريم الظلم / حديث رقم : 2577 / ص : 658 .

وحـذر النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـن الظلـم :
* فعـن عبـد الله بـن عمـر ـ رضي الله عنهما ـ عـن
النبـي ـ
صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ قـال النبـي :
" الظلـم ظُلُمـات يـوم القيامـة " .

صحيح البخاري . متون / ( 46 ) ـ كتاب : المظالم والغضب / ( 8 ) ـ باب :
ظلمات يوم القيامة / حديث رقم : 2447 / ص : 280 .


وخَـوَّفَ النبـيُّ أمتَـهُ مـن دعـوةِ المظلـوم :
* فعـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبـي ـ صلى
الله عليه
وسلم
ـ بعـث معـاذًا إلـى اليمـن فقـال :

" اتـق دعـوة المظلـوم فإنـه ليـس بينهـا وبيـن الله حجـاب " .
صحيح البخاري . متون / ( 46 ) ـ كتاب : المظالم والغضب / ( 9 ) ـ باب :
الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم / حديث رقم : 2448 / ص : 280 .


فظلـم النفـس الـذي هـو تـرك طاعـة الله ،
وتـرك الانقيـاد لامتثـال أوامـره ، واجتنـاب نواهيـه ،
محـرم بنـص القـرآن الكريـم ، وأيضـًا ظلـم
النـاس بعضهـم لبعـض محـرم علـى الـدوام .
ولكنـه فـي شهـر رجـب ، وبقيـة الأشـهر

الحـرم أشـد تحريمـًا .


فالمشـروع فـي هـذا الشـهر : ( رجـب الفـرد الحـرام ) .

تـرك ظلـم النفـس :
وذلـك بالاتبـاع وفعـل المأمـورات والبعـد عـن
المحرمـات والمنهيـات .


2 ـ تـرك ظلـم العبـاد :

فظلمهـم يكـون بشـتمهم وقذفهـم ، وأكـل أموالهـم ،
وسـفك دمائهـم ، واغتيابهـم ، والسـعي بينهـم
بالفسـاد حتـى يلقـى الله مفلسـًا .


* فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى
الله عليه وعلى آله وسلم
ـ قـال :

" أتـدرون مـا المفلـس ؟ قالـوا : المُفلـسُ فينـا مـن
لا درهـم لـه ولا متــاع
.
فقــال : إن المفلـس مـن
أمتـي ، يأتـي يـوم القيامـة بصــلاةٍ وصيـام وزكـاةٍ ،
ويأتـي قـد شـتم هـذا ، وقـذف هـذا ، وأكـل
مـال هـذا ، وسـفك دم هـذا ، وضـرب هـذا .
فيُعطـى هـذا من حسـناته وهـذا مـن حسـناته .
فـإن فَنِيـت حسـناتُهُ ، قبـل أن يَُقْضِـي مـا عليـه ،
أخـذ مـن خطاياهـم فطُرحـت عليـه .
ثـم طُـرح فـي النـار
" . 

 
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب : البر والصلة والآداب / ( 15 ) ـ
باب :
تحريم الظلم / حديث رقم : 59 ـ ( 2581 ) / ص : 659 .
_____________ 




كيـف تكــون متبِعًــا غيـر

مبتــدعٍ فـي شــهر رجـب ؟
ثبـت فـي الصحيـح عنـه صلـى الله عليـه 

وسـلم أنـه حـذَّر مـن مخالفـة أمـره :

قال الإمام مسلم في صحيحه

وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا ،
عَنْ أَبِي عَامِرٍ، قَالَ عَبْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو،
قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ ،عَنْ
،سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ
رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِنَ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ مَسْكَنٍ
مِنْهَا قَالَ يُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ
قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ "


أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
"مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ

 

صحيح مسلم / ( 30 ) ـ كتاب : الأقضية / من عمل عملا ليس عليه
أمرنا فهو رد
/ حديث رقم : 18 ـ ( 1718 ) / ص : 448 .

* وعـن جابـر بـن عبـد الله ؛ قـال : كـان رسـول
الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا
خطـب ..... ويقـول :

" أمـا بعــد . فـإن خيـر الحديـث كتـاب الله . وخيـر
الهـدي هـدي محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله
وسلم
ـ . وشـر الأمـور محدثاتهـا . وكـل بدعـة
ضلالـة .....
" .

 

صحيح مسلم / ( 7 ) ـ كتاب : الجمعة / (13) ـ باب : تخفيف
الصلاة والخطبة / حديث رقم : 43 ـ ( 867 ) / ص : 204 .


ومـن القواعـد ـ الكليـة ـ الفقهيـة الهامـة :



الأصـلُ فـي عـاداتِنـا الإباحَـة حتـى يجـيءَ صـارفُ الإبـاحَـهْ .

وليـس مشـروعًا مـن الأمـور غيـرُ الـذي فـي شـرعِنا مذكـورْ 

فالأصـل فـي العـادات ، أي الأمـور الدنيويـة مـن مآكـل

ومشـارب : الحِـل والإباحـة حتـى يـرد فـي
الشـرع مـا يحرمـه
.

 
مثـل : الأصـل فـي الطعـام الحِـلّ ، ولكـن هنـاك نـص

يخـرج لحـم الخنزيـر مـن هـذا الأصـل فيحـرم .


وعلـى العكـس في العبـادات :

الأصـل فـي العبـادات التوقـف والتحريـم حتـى

يـرد نـص بمشـروعية هـذه العبـادة فيخرجهـا

عـن الأصـل وهـو عـدم المشـروعية .


* وقـال شـيخ الإسـلام ابـن تيميـة فـي القواعـد

النورانيـة الفقهيـة :


" فباسـتقراء الشـريعـة نعلـمُ أنَّ العبـادات التـي
أوجبهـا الله أو أحبَّهـا لا يثبـت الأمـر
بهـا إلا بالشـرع
" .ا . هـ .


وعلـى هـذا جـرى السـلفُ الصالـحُ ـ رضي
الله عنهم ـ مـن الصحابـة والتابعيـن .


* فعـن سعيـد بـن المسـيب : أنـه رأى رجـلاً يصلـي
بعـد طلـوع الفجــر أكثـر مـن ركعتيـن ، يُكثِـرُ

فيهمـا الركـوع والسـجود ، فنهـاه .

 
فقـال : يـا أبـا محمـد ! يعذبنـي اللهُ علـى الصـلاة ؟ ! .
قـال : " لا ، ولكـن يعذبُـكَ علـى خـلاف السـنة " .
رواه البيهقي وغيره بسند حسن .


قـال شـيخنا العلامـة الألبانـي ـ رحمه الله ـ في 
 
" إرواء الغليل " ( 2 / 236 ) بعـد إيـرادِه هـذا الأثـر :

" وهـذا مـن بدائـع أجوبـة سـعيد بـن المسـيب ـ رحمه
الله تعالى
ـ ، وهـو سـلاحٌ قـويٌ علـى المبتدعـةِ
الذيـن يسـتحسنون كثيـرًا مـن البـدع باسـمِ أنهـا
ذِكْـرٌ وصـلاةٌ ! ! ثـم ينكـرون على أهـلِ السـنةِ
إنكـار ذلـك عليهـم ، ويتهمونهـم بأنهـم ينكـرون
الذكـرَ والصـلاة ! وهـم فـي الحقيقـة إنما ينكـرون
خلافَهـم للسـنةِ فـي الذِّكـرِ والصـلاةِ ونحـو ذلـك
".ا . هـ .


علم أصول البدع / الشيخ : علي حسن علي عبد الحميد / ص : 72 .

فـلا عبـادة إلا بنـص مـن القـرآن أو السـنة الصحيحـة .


وتطبيـق ذلـك :

الصيـام عامـة مشـروع فـي ديـن الله ، ولكـن
تخصيـص أوقـات معينـة مثـل : شـهر رجـب أو غيـره
لأفضليتـه ، دون نـص بذلـك ، فهـذا غيـر مشـروع ،
ويدخـل فـي البـدع .


* وقـال الحافـظ ابـن حجـر فـي ( تبييـن العجـب 


بمـا ورد فـي شـهر رجـب ) :

ـ لـم يـرد فـي فضـل شــهر رجـب ولا فـي
صيامـه ولا فـي صيـام شـيء منـه معيـن ،
ولا فـي قيـام ليلـة مخصوصـة فيـه حديـث
صحيـح يصلـح للحجـة

 
ـ وقـال عبـد الرزاق فـي مصنفـه ( 4 / 292 ) : 

 
عـن ابـن جريـج عـن عطـاء : كـان " ابـن عبـاس "
ينهـى عن صيـام رجـب كلـه ؛ ألاَّ يُتَّخـذ عيـدًا .
إسناده صحيح . 

 

تبيين العجب بما ورد في شهر رجب / للحافظ ابن حجر العسقلاني / ص : 70 .

روي عـن أحمـد عـن خرشـة بـن الحـر قـال :
رأيـتُ عمـر يضـرب أكـف المترجبيـن حتـى
يضعوهـا فـي الطعـام ويقـول : كلـوا فإنمـا
هـو شـهر كانـت تعظمـه الجاهليـة

 

إرواءالغليل في تخريج أحاديث منار السبيل / تحقيق الشيخ الألباني /
ج : 4 / حديث رقم : 957 / ص : 113 / صحيح
.

قـال الشـيخ محمد ناصر الدين الألبانـي :
 
وليـس هـو فـي " المسـند " للإمـام أحمـد ، فهـو
فـي بعـض كتبـه الأخـرى التـي لـم تصـل إلينـا ،
وقـد أخرجـه ابـن أبـي شـيبة فـي " المصنـف " .

ورُوِي نحـو ذلـك ، عـن أبـي بكـرة .

قـال ابـن حجـر :
فهـذا النهـي منصـرف إلـى مـن يصـومه
معظمـًا لأمـر الجاهليـة .

أمَّـا إنْ صامـه لقصـد الصـوم فـي الجملـة ، مـن
غيـر أن يجعلـه حتمـًا ، أو يخـص منـه أيامـًا معينـة
يواظـب علـى صومهـا ، أو ليـالٍ معينـة يواظـب
علـى قيامهـا ، بحيـث يظـن أنهـا سُـنَّة ،
فهـذا مَنْ فَعَلَـهُ مـن السـلامة ممـا استثنـي ، فـلا بـأس
به ، فـإن خـص ذلـك ـ بشـهر رجـب ـ أو جعلـه حتمـًا ،
فهـذا محظـور
.


* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبـي
ـ صلى الله عليه وسلم ـ قـال : 


" لا تختصـوا ليلـة الجمعـة بقيـام من بيـن
الليالـي . ولا تخصـوا يـوم الجمعـة بصيـام من
بيـن الأيـام . إلا أن يكـون فـي صـوم يصومـه أحدكـم
" . 

 
صحيح مسلم / ( 13 ) ـ كتاب : الصيام / ( 23 ) ـ باب : تحريم
صوم أيام التشريق / حديث رقم : 148 ـ ( 1144 ) / ص : 273 .

* وقـال النـووي ـ رحمه الله ـ :
" ولـم يثبـت فـي صـوم رجـب نهـي ولا نـدب بعينـه ،
ولكـن أصـل (1) الصـوم منـدوب إليـه " .


ا . هـ .
السنن والمبتدعات ... للشقيري / ص : 125 .

 
( 1 ) أصل الصوم مندوب إليه : أي أن الصيام عمومًا مندوب
إليه في أي وقت ، فالإسلام يرغب في عبادة الصيام لما فيها
من الفضل والخير الكثير للصائم .
_____________

صحيح نفحات شهر الله المحرم

    بسم الله الرحمن الرحيم هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند رؤية هلال كل شهر قال الإمام الح...